لله في الآفاق آيات لعل أقلها هو ما إليه هداك
ولعل ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناك
والكون مشحون بأسرار إذا حاولت تفسيراً لها أعياك
قل للطبيب تخطفته يد الردى يا عارف الأدواء من أرداك
قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت فنون الطب من عافاك
قل للصحيح يموت لا من علة من بالمنايا يا صحيح دهاك
قل للبصير وكان يحذر حفرة فهوى بها من ذا الذي أهواك
بل سائل الأعمى خطا بين الزحام بلا اصطدام من يقود خطاك
قل للجنين يعيش معزولاً بلا راع ومرعى ما الذي يرعاك
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء لدى الولادة ما الذي أبكاك
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه فاسأله من ذا بالسموم حشاك
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو تحيى وهذا السم يملء فاك
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداً وقل للشهد من حلاّك
بل سائل اللبن المصفى كان بين دم وفرث ما الذي صفاك
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا ميت فاسأله من أحياك
قل للهواء تحسه الأيدي ويخفى عن عيون الناس من أخفاك
قل للبنات يجف بعد تعهد ورعاية من الجفان رماك
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو وحده فاسأله من أرباك
وإذا رأيت البدر يسري ناشراً أنواره فاسأله من أسراك
واسأل شعاع الشمس يدني وهو أبعد كل شيء ما الذي أدناك
قل للمرير من الثمار من الذي بالمر من دون الثمار غذاك
وإذا رأيت النار شب لهيبها فاسأله من يا نخل شق نواك
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحاً قمم السحاب فسله من أرساك
وإذا ترى صخراً تفجر بالمياه فاسأله من بالماء شق صفاك
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال جرى فسله من الذي أجراك
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج طغى فسله من الذي أطغاك
وإذا رأيت الليل يغشى داجياً فاسأله من يا ليل حاك دجاك
وإذا رأيت الفجر يسفر ضاحكاً فاسأله من يا صبح ساق ضحاك
هذه عجائب طالما أخذت بها عيناك وانفتحت بها أذناك
يا أيها الماء المهين من الذي سواك ومن الذي في ظلمة الأحشاء قد والاك
ومن الذي تعصي ويغفر دائماً ومن الذي تنسى ولا ينساك
يا أيها الإنسان مهلاً ما الذي بالله جل جلاله أغراك
الله ما زال دون سائر خلقة وإلى الهدى والنور قاد خطاك
بك أستجير ومن يجير سواك فأجر ضعيفاً يحتمي بحماك
يا مدرك الأبصار والأبصار لا تدري له ولكنه إدراك
أتراك عين في الدّنا ولها مدىً لا تستطيع إذا به رؤياك
إن لم تكف عيني تراك فإنبني في كل شيء أستبين علاك
لكن ما أرجو أراك إلهنا في جنة هي دار من أرضاك
يا رب أذنبت وآذتني ذنوب ما لها من غافر إلاّك
يا غافر الذنب العظيم وقابلاً لتوب قلب تائب ناجاك
أتردّه وتردّ صادق توبتي حاشاك ترفض تائباً حاشاك
يا ربّ جئتك نادماً أبكي على ما قدمته يداي لا أتباك
أخشى من العرض الرهيب عليك يا رب وأخشى منك إذ ألقاك
يا ربّ عدت إلى رحابك تائباً مستسلماً مستمسكاً بعراك
إني أويت لكل مأوىً في الحياة فما رأيت أعزّ من مأواك
وتلمّست نفسي السبيل إلى النجاة فلم تجد منجى سوى منجاك
وبحثت عن سرّ السعادة جاهداً فوجدت هذا السرّ في تقواك
فليرضى عنيّ الناس أو فليسخطوا أنا لم أعد أسعى لغير رضاك
أدعوك يا ربّ لتغفر حوبتي وتعينني وتمدّني بهداك
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي ما خاب يوماً من دعا ورجاك