وانتهى آخر فصل في المسرحية , تسير المشاهد القديمة في ذهني أجلو عنها غبار الزمن واستعرضها واحدةً تلو الأخرى .
يلوح أمامي طيف طفلة صغيرة تحمل حقيبتها المثقلة إلى مدرستها .... اضحك من خطواتها العاثرة ... أفكارها الساذجة ... يالها من طفلة هذا الجسد الضئيل ترويه الحياة من ينابيعها المعطاءة ليستوي على سوقه , فجأة تجد نفسها كبيرة كأولئك الكبار التي طالما اشرأب عنقها لتتأمل ملامحهم أو تحادثهم ، كبير متى أصبح كذلك!
تصرمت السنين الاثنا عشر عاما التي كنت أحسبها تمر ثقيلة متباطئة , تبدو لي الآن شريطاً متسارعاً لا اتبين ملامحه ، اثنا عشر عاماً واخلع زي المدرسة الذي فيه كضفدع ، كيف تمر الأيام ؟! كيف تباغتها فجأة ؟
لاأدري كل ما أعرفه انني سأفتقد هذا المكان وأحن إليه بل إن الحنين يراودني الآن ....
أفتقد أوجه صديقاتي الباسمة وأحاديثهن المرحة وافتقد شغب الحصص ومشاكل الفصل ، افتقد الممرات الضيقة التي نتخذها مجلسا للسهو .
أفتقد كلمات معلماتي المشجعة حينا والمحبطة حينا آخر ...
أفتقد سعادتي الطفولية ان اصابني حظ من التكريم ، أفتقد ترقبي المؤلم لنتيجة الامتحان ، فوضى الطابور ، إذاعه الصباح ، جرس آخر الدوام ، أفتقد كل شيء .
أود أن أترك في كل ركن ذكرى وفي كل زاوية علامة تحمل رسالتي لكل من يأتي بعدها ويحل مقاعدنا لاتضيعوا هذه السنوات القلائل فيها أحلى سنين العمر انتهى آخر فصل من المسرحية وآسدل الستار.