عدد المساهمات : 46 . : 136 تاريخ التسجيل : 01/08/2011 العمر : 29
موضوع: كانون الثاني JANUARY السبت يونيو 16, 2012 6:11 pm
كان أبو جعفر المنصور جالسًا مع أصحابه فسألهم: أتدرون من هو صقر قريش؟ فقالوا له: بالتأكيد هو أنت. فقال لهم: لا. فعددوا له أسماء حتى ذكروا له معاوية وعبد الملك بن مروان من بني أمية. فقال أيضًا: لا. ثم أجابهم قائلا: "بل هو عبد الرحمن بن معاوية، دخل الأندلس منفردًا بنفسه، مؤيدًا برأيه، مستصحبًا لعزمه، يعبر القفر ويركب البحر حتى دخل بلدًا أعجميا فمصّر الأمصار وجند الأجناد، وأقام ملكًا بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة عزمه ".. ولعل كلمات المنصور تختصر قصة هذا العظيم.. دخل الأندلس شريدًا هاربا من سيوف بني العباس لا يملك نصيرا ولا مؤيدا.. لا يملك مجدًا ولا يملك حتى بيتًا يأوي إليه.. ولكنها الإرادة مع حسن التدبير صنعت من هذا الرجل صقرا يقيم دولة عظيمة في الأندلس تمتد ثمانية قرون متواصلة بفضل الله ثم بفضل إرادته.. حكم الأندلس 33 عاما وبنى فيها قصة مجد مع أنها تشرذمت إلى دويلات متعددة فأنشأ جيشًا قوي لكي يكون قادرا على الجهاد واهتم بالعلم والعلماء كما اهتم بالحضارة المادية وفكره العسكري الذي تعلمه إضافة إلى أخلاقه العالية كونت شخصيته وقادته لأن يقول عنه المؤرخون: "لولا عبد الرحمن الداخل لانتهى الإسلام من الأندلس بالكلية ". وقد عاش حياته كلها مجاهدًا.. فأي عظمة بنى هذا الإنسان.. من شريد هائم على وجهه لا يعلم أين يذهب.. إلى حاكم عظيم صاحب مجد وإنجاز.. رغم كل ما قاساه من ثورات وتمزق وظلم.. إلا أنه بهمته وإصراره أحال المستحيل إلى حقيقة.. وبنى أعظم دولة في الغرب الإسلامي..